ورقة 191, الظهورات على الرُسل وقادة آخرين

   
   أرقام الفقرة: على | إيقاف
نص سهل الطباعةنص سهل الطباعة

كِتاب يورانشيا

ورقة 191

الظهورات على الرُسل وقادة آخرين

191:0.1 (2037.1) كان أحد القيامة يوماً فظيعاً في حياة الرُسل, قضى عشرة منهم الجزء الأكبر من اليوم في العلية خلف الأبواب ذات القضبان. ربما هربوا من أورشليم, لكنهم كانوا يخشون أن يتم القبض عليهم من قبل عملاء السنهدرين إذا تم العثور عليهم في الخارج. كان توما يفكر مليًا في مشاكله بمفرده في بيت-فاج. كان من الأفضل لو بقي مع رفاقه الرُسل, وكان سيساعدهم في توجيه مناقشاتهم على أسس أكثر فائدة.

191:0.2 (2037.2) طوال النهار أيَّد يوحنا فكرة أن يسوع قام من الأموات. سرد ما لا يقل عن خمس مرات مختلفة عندما أكد السيد أنه سوف يقوم ثانية وثلاث مرات على الأقل عندما ألمح إلى اليوم الثالث. كان لموقف يوحنا تأثير كبير عليهم, خاصة على شقيقه يعقوب وعلى نثانئيل. كان يوحنا سيؤثر عليهم أكثر لو لم يكن أصغر عضو في المجموعة.

191:0.3 (2037.3) كان لعزلتهم علاقة كبيرة بمشاكلهم. أبقاهم يوحنا مرقس على اتصال بالتطورات المتعلقة بالهيكل وأبلغهم بالإشاعات العديدة التي تحرز تقدماً في المدينة, لكن لم يخطر بباله أن يجمع الأخبار من جماعات المؤمنين المختلفة الذين ظهر لهم يسوع حتى الآن. تلك كانت نوعاً من الخدمة التي قدمها مراسيل داود حتى الآن, لكنهم كانوا جميعاً غائبين في مهمتهم الأخيرة كمبشرين بالقيامة لتلك الجماعات من المؤمنين الذين سكنوا بعيداً عن أورشليم. للمرة الأولى في كل هذه السنوات أدرك الرُسل مدى اعتمادهم على مراسيل داود للحصول على معلوماتهم اليومية المتعلقة بشؤون الملكوت.

191:0.4 (2037.4) طوال هذا اليوم تأرجح بطرس عاطفياً على نحو مميز بين الإيمان والشك بشأن قيامة السيد. لم يستطع بطرس أن يتهرب من مشهد ثياب القبر راقدة هناك في القبر كما لو أن جسد يسوع قد تبخر للتو من الداخل. "لكن", فكـَّر بطرس: "إذا قام ويقدر أن يظهر نفسه للنساء, فلماذا لا يُظهر نفسه لنا, رُسله؟" كان بطرس يغدو حزيناً عندما يُفَكّر بأن يسوع ربما لم يأت إليهم بسبب وجوده بين الرُسل, لأنه أنكره تلك الليلة في فناء أنّاس. وبعد ذلك كان يُشجع نفسه بالكلمة التي أحضرتها النساء, "اذهبن واخبرن رُسلي ــ وبطرس." لكن استخلاص التشجيع من هذه الرسالة تضمن بأنه يجب أن يؤمن بأن النساء قد رأين وسمعن السيد القائم بالفعل. هكذا تناوب بطرس بين الإيمان والشك طوال اليوم كله, حتى بعد الساعة الثامنة بقليل عندما جازف بالخروج نحو فناء الدار. فكـَّر بطرس في إزاحة نفسه من بين الرُسل بحيث قد لا يمنع مجيء يسوع إليهم بسبب إنكاره للسيد.

191:0.5 (2037.5) في البداية أيد يعقوب زَبـِدي ذهابهم جميعاً إلى القبر؛ كان مُحبذاً بقوة لفعل شيء ما للوصول إلى عمق اللغز. كان نثانئيل الذي منعهم من الخروج على الملأ استجابة لحث يعقوب, وقد فعل هذا بتذكيرهم بتحذير يسوع من تعريض حياتهم للخطر بلا داع في هذا الوقت. بحلول وقت الظُهيرة كان يعقوب قد استقر مع الآخرين في انتظار مترقب. قال القليل؛ كان يشعر بخيبة أمل كبيرة لأن يسوع لم يظهر لهم, ولم يكن يعلم بظهورات السيد العديدة لمجموعات وأفراد آخرين.

191:0.6 (2038.1) أندراوس استمع كثيرًا هذا اليوم. كان في حيرة شديدة من الوضع وكان لديه أكثر من نصيبه من الشكوك, لكنه على الأقل تمتع بشعور معين من الحرية من مسؤولية إرشاد رفاقه الرُسل. كان ممتناً حقًا لأن السيد قد أعفاه من أعباء القيادة قبل أن يقعوا على هذه الأوقات المشتتة للإنتباه.

191:0.7 (2038.2) أكثر من مرة أثناء الساعات الطويلة والمرهقة لهذا اليوم المأساوي, كان التأثير العاضد الوحيد لهذه الجماعة هو المساهمات المتكررة من شورى نثانئيل الفلسفية المميزة. لقد كان حقاً هو التأثير المسيطر بين العشرة طوال اليوم. ولا مرة عبَّر عن نفسه فيما يتعلق إما بالإيمان أو عدم الإيمان بقيامة السيد. لكن مع تقدم اليوم, أصبح ميالاً بشكل متزايد نحو الاعتقاد بأن يسوع قد وفى بوعده بالقيام مرة أخرى.

191:0.8 (2038.3) كان سمعان زيلوطس شديد الانهيار للمشاركة في المناقشات. اتكأ معظم الوقت على مقعد في زاوية الغرفة ووجهه إلى الحائط؛ لم يتكلم ست مرات طوال اليوم كله. لقد انهار مفهومه عن الملكوت, ولم يتمكن من إدراك أن قيامة السيد يمكن أن تغير الوضع مادياً. كانت خيبة أمله شخصية للغاية وجملةً حادة جداً ليتعافى منها في وقت قصير, حتى في وجه هكذا حقيقة هائلة مثل القيامة.

191:0.9 (2038.4) من الغريب أن يُسجل, أن فيليبُس الذي عادة ما يكون غير معبر تحدث كثيرًا طوال فترة بعد ظُهر هذا اليوم. لم يكن لديه الكثير ليقوله خلال فترة الظهيرة, لكن طوال فترة بعد الظُهر طرح العديد من الأسئلة على الرُسل الآخرين. كان بطرس غالباً منزعجاً من أسئلة فيليبُس, لكن الآخرين أخذوا تساؤلاته بلطف. كان فيليبُس راغباً بشكل خاص في معرفة, فيما إذا كان يسوع قد قام حقًا من القبر, ما إذا كان جسده سيحمل العلامات الجسدية للصَلب.

191:0.10 (2038.5) كان متـّى مرتبكاً للغاية؛ استمع إلى مناقشات رفاقه لكنه أمضى معظم الوقت يقلب في عقله مشكلة مواردهم المالية المستقبلية. بغض النظر عن قيامة يسوع المفترضة, كان يوداص قد ذهب, وداود كان قد حوَّل الأموال إليه بشكل غير رسمي, وكانوا بدون قائد موثوق. قبل أن يتحول متـّى لإعطاء اعتبار جَّدي إلى جدالهم حول القيامة, كان تواً قد رأى السيد وجهاً لوجه.

191:0.11 (2038.6) شارك التوأم الألفيوس قليلاً في هذه المناقشات الجادة؛ كانا مشغولين إلى حد ما بإسعافاتهما المعتادة. عبَّر أحدهما عن موقفهما عندما قال, رداً على سؤال طرحه فيليبُس: "نحن لا نفهم القيامة, لكن والدتنا تقول أنها تحدثت مع السيد, ونحن نصدقها."

191:0.12 (2038.7) كان توما في وسط إحدى نوباته النموذجية من الاكتئاب اليائس. نام جزءا من النهار ومشى فوق التلال بقية الوقت. شعر بالحاجة إلى الانضمام مرة أخرى إلى رفاقه الرُسل, لكن الرغبة في أن يكون بمفرده كانت الأقوى.

191:0.13 (2038.8) أجَّل السيد ظهوره المورونشي الأول للرُسل لعدد من الأسباب. أولاً, أراد أن يكون لديهم الوقت, بعد أن سمعوا بقيامته, ليفـَّكروا جيداً فيما كان قد أخبرهم عن موته وقيامته عندما كان لا يزال معهم في الجسد. أراد السيد أن يتصارع بطرس مع بعض من صعوباته الخاصة قبل أن يتجلى لهم جميعاً. في المقام الثاني, رغب أن يكون توما معهم في وقت ظهوره الأول. عثر يوحنا مرقس على توما في بيت سمعان في بيت-فاج في وقت مبكر من صباح هذا الأحد, جالب كلمة عنه إلى الرُسل حوالي الساعة الحادية عشرة. في أي وقت خلال هذا اليوم كان توما سيعود إليهم لو ذهب نثانئيل أو أي اثنين من الرُسل الآخرين من أجله. لقد أراد أن يعود حقًا, لكن حيث إنه غادر كما فعل في الليلة السابقة, كان فخوراً جداً ليرجع من تلقاء نفسه بهذه السرعة. بحلول اليوم التالي كان مكتئباً جداً لدرجة أن الأمر تطلب حوالي أسبوع حتى يتخذ قرارًا بالعودة. انتظره الرُسل, وهو انتظر إخوانه ليطلبوه ويطلبوا منه أن يعود إليهم. وهكذا بقي توما بعيداً عن رفاقه حتى مساء السبت التالي, عندما, بعد أن حل الظلام, ذهب بطرس ويوحنا إلى بيت-فاج وأعاداه معهما. وهذا هو السبب أيضاً في عدم ذهابهم في الحال إلى الجليل بعد أن ظهر يسوع لهم لأول مرة؛ هم لن يذهبوا بدون توما.

1. الظهور إلى بطرس

191:1.1 (2039.1) كانت الساعة قريباً من الثامنة والنصف من مساء هذا الأحد عندما ظهر يسوع إلى سمعان بطرس في حديقة بيت مرقس. كان هذا تجليه المورونشي الثامن. كان بطرس قد عاش تحت عبء ثقيل من الشك والذنب منذ إنكاره للسيد. طوال يوم السبت وهذا الأحد صارع الخوف من أنه, ربما, لم يعد رسولاً. لقد اقشعر من مصير يوداص وحتى ظنَّ بأنه هو, أيضاً, قد خان سيده. طوال عصر هذا اليوم ظنَّ أن وجوده مع الرُسل هو ما منع يسوع من الظهور إليهم, بشرط, طبعاً, أن يكون قد قام بالفعل من بين الأموات. ولقد كان لبطرس, في مثل هذه الحالة الذهنية وفي مثل هذه الحالة النفـْسية, أن ظهر يسوع بينما تجول الرسول المغتم بين الزهور والشجيرات.

191:1.2 (2039.2) عندما فكـَّر بطرس في النظرة المُحبة للسيد عندما عبر بجانب شُرفة أنّاس, وبينما قلب في عقله تلك الرسالة الرائعة التي أُحضرت إليه في وقت مبكر من صباح ذلك اليوم من قبل النساء اللواتي أتين من القبر الفارغ, "اذهبن أخبرن رُسلي ــ وبطرس" ــ بينما يتفكر في دلائل الرحمة هذه, بدأ إيمانه يتغلب على شكوكه, ووقف ساكنًا, قابضاً يديه, بينما كان يتكلم بصوت عالٍ: "اعتقد أنه قام من الأموات؛ سأذهب وأخبر إخواني." ولما قال هذا, ظهر فجأة أمامه شكل رَجل, تكلم إليه في نبرة مألوفة, قائلاً: "بطرس, رغب العدو أن يأخذك, لكنني لن أتخلى عنك. كنت أعلم أنه لم يكن من القلب بأنك أنكرتني؛ لذلك سامحتك حتى قبل أن تسأل؛ لكن الآن يجب أن تتوقف عن التفكير في نفسك ومتاعب الساعة بينما تستعد لتحمل بشائر الإنجيل إلى أولئك الذين يجلسون في الظلام. يجب أن لا تهتم بعد الآن بما قد تحصل عليه من الملكوت بل بالأحرى أن تمارس ما يمكنك أن تقدمه لأولئك الذين يعيشون في فقر روحي مريع. تمنطق, يا سمعان, لمعركة يوم جديد, الكفاح مع الظلمة الروحية والشكوك الشريرة للعقول الطبيعية للناس."

191:1.3 (2039.3) تمشى بطرس ويسوع المورونشي خلال الحديقة وتحدثا عن أشياء ماضية, وحاضرة, ومستقبلية لحوالي خمس دقائق. بعد ذلك اختفى السيد عن نظره, قائلاً, "وداعاً يا بطرس, إلى أن أراك مع إخوانك."

191:1.4 (2039.4) للحظة, كان بطرس مُتغلباً عليه بالإدراك بأنه تحدث مع السيد القائم, وأنه يمكنه التأكد من أنه كان لا يزال سفيراً للملكوت. كان قد سمع السيد المُمجِّد للتو يحثه على المضي في وعظ الإنجيل. ومع كل هذا صاخباً داخل قلبه, اندفع إلى العلية ونحو حضور رفاقه الرُسل, هاتفاً في إثارة لاهثة: "لقد رأيت السيد؛ كان في الحديقة. تكلمت معه, ولقد سامحني."

191:1.5 (2040.1) تصريح بطرس بأنه رأى يسوع في الحديقة كان له تأثير عميق على رفاقه الرُسل, وكانوا على وشك التخلي عن شكوكهم عندما قام أندراوس وحذرهم بألا يكونوا متأثرين جداً بتقرير شقيقه. ألمح أندراوس إلى أن بطرس كان قد رأى أشياء لم تكن حقيقية من قبل. مع أن أندراوس لم يلمح بشكل مباشر إلى رؤيا الليلة على بحر الجليل حين ادعى بطرس أنه رأى السيد قادم إليهم ماشياً على الماء, إلا أنه قال ما فيه الكفاية ليُفشي لكل الحاضرين أنه كان يفكر في هذه الحادثة. تأذى سمعان بطرس بشدة من تلميحات شقيقه وسرعان ما انتكس نحو صمت ذليل. شعر التوأم بالأسف الشديد من أجل بطرس, وكِلاهما ذهبا للتعبير عن تعاطفهما والقول بأنهما يصدقانه وليعاودا التأكيد بأن والدتهما أيضاً قد رأت السيد.

2. الظهور الأول إلى الرُسل

191:2.1 (2040.2) بعد فترة وجيزة من الساعة التاسعة من ذلك المساء, بعد رحيل كليوباس ويعقوب, بينما كان التوأم الألفيوس يؤاسيان بطرس, وبينما عاتب نثانئيل أندراوس, وبينما كان الرُسل العشرة متجمعين هناك في العلية مع كل الأبواب موصدة خوف إلقاء القبض عليهم, ظهر السيد فجأة, في شكل مورونشي, في وسطهم, قائلاً: "سلام عليكم, لماذا تخافون جداً عندما أظهر, كما لو أنكم قد رأيتم شبحاً؟ ألم أخبركم عن هذه الأشياء عندما كنت حاضراً معكم في الجسد؟ ألم أقل لكم بأن رؤساء الكهنة والحكام سوف يسلمونني لأُقتَل, وبأن واحداً منكم سيخونني, وبأنني على اليوم الثالث سأقوم؟ فلماذا كل شكوككم وكل هذا النقاش حول روايات النساء, وكليوباس ويعقوب, وحتى بطرس؟ إلى متى ستشكون في كلامي وترفضون تصديق وعودي؟ والآن بحيث قد رأيتموني فعلاً, هل ستصدقون؟ حتى الآن واحد منكم غائب. عندما تجتمعون معاً مرة أخرى, وبعد أن تعرفوا جميعاً يقيناً بأن ابن الإنسان قد قام من القبر, اذهبوا من ثم نحو الجليل. ليكن لديكم إيمان في الله؛ وليكن لديكم إيمان في بعضكم البعض؛ وهكذا ستدخلون نحو الخدمة الجديدة لملكوت السماء. سأنتظر في أورشليم معكم إلى أن تكونوا مستعدين للدخول إلى الجليل. سلامي أترك معكم."

191:2.2 (2040.3) بعدما تكلم يسوع المورونشي إليهم, اختفى في لحظة عن نظرهم. وسقطوا جميعًا على وجوههم, مسبحين الله وموَّقرين سيدهم المختفي. هذا كان ظهور السيد المورونشي التاسع.

3. مع مخلوقات المورونشيا

191:3.1 (2040.4) اليوم التالي, الاثنين, قُضي بالكامل مع مخلوقات المورونشيا التي كانت موجودة آنذاك على يورانشيا. كمشاركين في تجربة السيد المورونشية الانتقالية, هناك وصل إلى يورانشيا أكثر من مليون مدير ومرافقون مورونشيون, إلى جانب بشر انتقاليين من مراتب متنوعة من العوالم المنزلية السبعة لساتانيا. مكث يسوع المورونشي مع هذه الذكاءات الرائعة لأربعين يوماً, أرشدهم وتعَّلم من موَّجهيهم عن حياة المورونشيا الانتقالية كما تُجتاز من قِبل بشر العوالم المأهولة لساتانيا بينما يعبرون خلال أجواء المورونشيا للنظام.

191:3.2 (2041.1) حوالي منتصف ليلة الاثنين هذه تم تعديل شكل السيد المورونشي من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية من التقدم المورونشي. عندما ظهر تالياً إلى أولاده البشر على الأرض, كان ذلك ككائن مورونشي من المرحلة الثانية. مع تقدم السيد في مهمة المورونشيا, أصبح, تقنياً, أكثر وأكثر صعوبة على ذكاءات المورونشيا ورفاقهم المحَّولات أن يجعلوا السيد مرئياً إلى العيون البشرية والمادية.

191:3.3 (2041.2) قام يسوع بالعبور إلى المرحلة الثالثة من المورونشيا يوم الجمعة, 14 نيسان؛ وإلى المرحلة الرابعة يوم الاثنين, 17 نيسان؛ وإلى المرحلة الخامسة يوم السبت, 22 نيسان؛ وإلى المرحلة السادسة يوم الخميس, 27 نيسان؛ وإلى المرحلة السابعة يوم الثلاثاء, 2 أيار؛ وإلى مواطنية جيروسِم يوم الأحد, 7 أيار؛ ودخل إلى احتضان الأعلون لعدنشيا يوم الأحد, 14 أيار.

191:3.4 (2041.3) بهذه الطريقة أتم ميخائيل نِبادون خدمته لخبرة الكون حيث إنه بالفعل, فيما يتعلق بإغداقاته السابقة, قد اختبر إلى الملء حياة البشر الصاعدين للزمان والفضاء من المكوث على مركز إدارة البُرج حتى إلى, واستمراراً, خلال خدمة مركز إدارة الكون العظيم. ولقد كان بهذه الخبرات المورونشية ذاتها بأن الابن الخالق لنِبادون أنهى حقاً وأتم بشكل مقبول إغداقه السابع والأخير للكون.

4. الظهور العاشر (في فيلادلفيا)

191:4.1 (2041.4) حدث الظهور المورونشي العاشر ليسوع إلى التعَّرف البشري بعد وقت قصير من الساعة الثامنة يوم الثلاثاء, 11 نيسان في فيلادلفيا, حيث أظهر نفسه لأبنير ولِعازر وحوالي مائة وخمسين من رفاقهم, بما فيهم أكثر من خمسين من كتيبة الإنجيليين من السبعين. حدث هذا الظهور مباشرة بعد افتتاح اجتماع خاص في الكنِيس الذي كان أبنير قد دعا إليه لمناقشة صَلب يسوع والتقرير الأحدث عن القيامة الذي جاء به مراسيل داود. نظراً إلى أن لِعازر القائم كان الآن عضواً في هذه الجماعة من المؤمنين, لم يكن من الصعب عليهم تصديق خبر قيام يسوع من بين الأموات.

191:4.2 (2041.5) كان الاجتماع في الكنِيس قد اُفتتح للتو من قبل أبنير ولَعازر, اللذان كانا واقفين معاً في المنبر, عندما رأى الحضور من المؤمنين بأكمله شكل السيد يظهر فجأة. تقدم إلى الأمام من حيث ظهر بين أبنير ولِعازر, اللذان لم يلاحظه أي منهما, وحيا الجماعة, قائلاً:

191:4.3 (2041.6) "السلام عليكم. تعلمون جميعاً أن لدينا أباً واحداً في السماء, وأنه لا يوجد سوى إنجيل واحد للملكوت ــ بشائر هدية الحياة الأبدية التي ينالها الناس بالإيمان. بينما تبتهجون في ولائكم للإنجيل, صَّلوا إلى أب الحق لينثر طليقاً في قلوبكم محبة جديدة وأعظم لإخوانكم. أنتم لتحبوا كل الناس كما أحببتكم؛ ولتخدموا كل الناس كما خدمتكم. بتعاطف متفهم وود أخوي, زاملوا جميع إخوانكم الذين يكرسون أنفسهم لإعلان البشارة, سواء كانوا يهوداً أو أمميين, يونانيين أو رومانيين, فـُرس أو إثيوبيين. أعلن يوحنا الملكوت مقدماً؛ أنتم وعظتم الإنجيل في قدرة؛ علـَّم اليونانيون البشائر بالفعل؛ وأنا سأرسل قريباً روح الحق إلى نفوس جميع هؤلاء, إخواني, الذين كرسوا حياتهم بدون أنانية للغاية من أجل تنوير رفاقهم الذين يجلسون في الظلام الروحي. أنتم جميعاً أبناء النور؛ لذلك لا تتعثروا نحو تشابكات سوء الفهم من الارتياب الفاني وعدم التسامح البشري. إذا تم تكريمكم, بنعمة الإيمان, أن تحبوا غير المؤمنين, ألا يجب أيضاً أن تحبوا بنفس القدر أولئك الذين هم رفاقكم المؤمنين في أسرة الإيمان الواسعة الانتشار؟ تذكّروا, عندما تحبون بعضكم بعضاً, سيعرف كل الناس بأنكم تلاميذي.

191:4.4 (2042.1) "اذهبوا إذن, نحو كل العالم معلنين هذا الإنجيل عن أبوة الله وأخوة الناس لجميع الأمم والأجناس وكونوا دائماً حكماء في اختياركم لأساليب تقديم البشائر إلى الأجناس والقبائل المختلفة من البشر. مجاناً استلمتم هذا الإنجيل للملكوت, ومجاناً ستبشرون جميع الأمم. لا تخافوا من مقاومة الشر, لأني معكم دائماً, حتى إلى نهاية الدهور. وسلامي أترك معكم."

191:4.5 (2042.2) عندما قال, "سلامي أترك معكم", اختفى عن نظرهم. باستثناء إحدى ظهوراته في الجليل, حيث رآه أكثر من خمسمائة مؤمن في وقت واحد, ضمت هذه الجماعة في فيلادلفيا أكبر عدد من البشر الذين رأوه في أي مناسبة واحدة.

191:4.6 (2042.3) في وقت مبكر من صباح اليوم التالي, حتى بينما تمهل الرُسل في أورشليم في انتظار التعافي العاطفي لتوما, فقد انطلق هؤلاء المؤمنون في فيلادلفيا معلنين أن يسوع الناصري قد قام من بين الأموات.

191:4.7 (2042.4) اليوم التالي, الأربعاء, أمضاه يسوع دون مقاطعة في مجتمع رفاقه المورونشيين, وأثناء ساعات منتصف بعد الظُهر استقبل وفود مورونشية زائرة من العوالم المنزلية من كل نظام محلي من الأجواء المأهولة في كل أنحاء برج نورلاشيادِك. وقد ابتهجوا جميعًا بمعرفة خالقهم باعتباره واحدًا من مرتبتهم الخاصة من ذكاءات الكون.

5. الظهور الثاني إلى الرُسل

191:5.1 (2042.5) قضى توماً أسبوعاً منعزلاً بمفرده مع نفسه في التلال المحيطة بالزيتونات. أثناء هذا الوقت لم ير سوى أولئك الذين في منزل سمعان ويوحنا مرقس. لقد كان حوالي الساعة التاسعة من يوم السبت, 15 نيسان, عندما وجده الرسولان وأعاداه معهم إلى ملتقاهم في بيت مرقس. في اليوم التالي استمع توما إلى رواية قصص ظهورات السيد المتعددة, لكنه رفض بثبات أن يصَّدق. تمسك بأن بطرس قد شجعهم على التفكير بأنهم قد رأوا السيد. تجادل نثانئيل معه ليقنعه, لكن بلا جدوى. كان هناك عناد عاطفي مرتبط بشكه المعتاد, وهذه الحالة الذهنية, إلى جانب استيائه حيث إنه هرب منهم, تآمرت لخلق حالة من العزلة التي حتى توما نفسه لم يفهمها تماماً. كان قد انسحب من رفاقه, وذهب في طريقه الخاص, والآن, حتى عندما عاد بينهم, كان يميل دون وعي إلى اتخاذ موقف من عدم الموافقة. كان بطيئاً ليستسلم؛ كره أن يخضع. بدون أن يقصد ذلك, استمتع حقاً بالانتباه الذي أعطي له؛ واستمد رضى لا واعي من جهود جميع رفاقه لإقناعه وتغيير رأيه. كان قد افتقدهم لأسبوع كامل, وحصل على متعة كبيرة من اهتمامهم المثابر.

191:5.2 (2042.6) كانوا يتناولون وجبتهم المسائية بعد الساعة السادسة بقليل, مع بطرس جالس على جانب واحد من توما ونثانئيل على الجانب الآخر, عندما قال الرسول المتشكك: "لن أُصَّدق ما لم أرى السيد بأم عيني ووضعت إصبعي في آثار المسامير." بينما جلسوا هكذا على العشاء, وبينما كانت الأبواب موصدة ومقفلة بإحكام, ظهر السيد المورونشي فجأة داخل انحناء الطاولة, وواقف مباشرة أمام توما, قال:

191:5.3 (2043.1) "السلام عليكم. تمهلت لأسبوع كامل بحيث قد أظهر مرة أخرى عندما تكونوا جميعكم حاضرين لتسمعوا مرة أخرى التكليف بالذهاب إلى العالَم كله والتبشير بإنجيل الملكوت هذا. مرة أخرى أقول لكم: كما أرسلني الأب نحو العالَم, هكذا أرسلكم. كما كشفت الأب, هكذا ستكشفون المحبة الإلَهية, ليس فقط بالكلمات, بل في معيشتكم اليومية. أرسلكم خارجاً, ليس لتحبوا نفوس الناس, بل بالأحرى لتحبوا الناس. لستم لتعلنوا أفراح السماء فحسب بل أيضاً لتظهروا في تجربتكم اليومية هذه الحقائق الروحية للحياة الإلَهية حيث إنكم لديكم بالفعل الحياة الأبدية, كهدية من الله, من خلال الإيمان. عندما يكون لديكم إيمان, عندما تكون قدرة من العُلى, روح الحق, قد أتت عليكم, فلن تخفوا نوركم هنا خلف الأبواب المغلقة؛ ستجعلون محبة ورحمة الله معروفة للبشرية جمعاء. من خلال الخوف تهربون الآن من حقائق التجربة البغيضة, لكن عندما تكونون قد تعمدتم بروح الحق, ستنطلقون بشجاعة وفرح للقاء التجارب الجديدة لإعلان بشائر الحياة الأبدية في ملكوت الله. يمكنكم التمهل هنا وفي الجليل لفصل قصير بينما تتعافون من صدمة الانتقال من الأمان الزائف لسُلطة التقاليد إلى النظام الجديد لسُلطة الحقائق, والصدق, والإيمان بالحقائق السامية للتجربة الحية. مهمتكم إلى العالَم مؤسسة على حقيقة أني عشت بينكم حياة كاشفة لله؛ على حقيقة أنكم وجميع الناس الآخرين أبناء الله؛ وستتألف في الحياة التي ستعيشونها بين الناس ــ التجربة الفعلية والحية لمحبة الناس وخدمتهم, حتى كما أحببتكم وخدمتكم. دعوا الإيمان يكشف نوركم للعالم؛ دعوا كشف الحقيقة يفتح العيون التي أعمتها التقاليد؛ دعوا خدمتكم المحبة تدمر بفعالية التحيز الناجم عن الجهل. من خلال دنوكم من رفاقكم الناس في تعاطف متفهم وتكريس غيري, ستقودونهم نحو معرفة مخَّلِصة لمحبة الأب. لقد فخَّم اليهود الصلاح؛ ومجَّد اليونانيون الجَمال؛ والهندوس يعظون الولاء؛ والنساك البعيدون يُعلمون الخشوع؛ ويُطالب الرومان بالولاء؛ لكنني أطلب من تلاميذي الحياة, حتى حياة ذات خدمة محبة لجميع إخوانكم في الجسد."

191:5.4 (2043.2) عندما تكلم السيد بهذا, نظر إلى أسفل في وجه توما وقال: "وأنت, يا توما, الذي قلت أنك تُصّدق إلا إذا أمكنك أن تراني وتضع إصبعك في أثار المسمار في يداي, الآن قد نظرت إلي وسمعت كلماتي؛ ولو إنك لا ترى علامات المسمار على يداي, حيث إني قد قمت في الشكل الذي سيكون لديكم أيضاً عندما ترحلون من هذا العالَم, ماذا ستقول لإخوانك؟ سوف تعترف بالحقيقة, لأنك في قلبك بالفعل قد بدأت تصَّدق حتى عندما أكدت بشجاعة عدم إيمانك. شكوكك, يا توما, دائماً ما تؤكد نفسها بأكثر العناد بالضبط عندما تكون على وشك الانهيار. توما, أدعوك أن لا تكون غير مؤمن ولكن مؤمن ــ وأنا أعلم أنك

191:5.5 (2043.3) عندما سمع توما هذه الكلمات, جثا على ركبتيه أمام السيد المورونشي وهتف, "أنا أؤمن! يا ربي وسيدي!" عند ذاك قال يسوع لتوما: "لقد آمنت, يا توما, لأنك رأيتني وسمعتني بالفعل. طوبى لأولئك في العصور الآتية الذين سيؤمنون رغم أنهم لم يروا بعين الجسد ولم يسمعوا بالأُذن الفانية."

191:5.6 (2043.4) وبعد ذلك, بينما تحرك شكل السيد بالقرب من رأس الطاولة, خاطبهم جميعاً, قائلاً: "والآن اذهبوا جميعكم إلى الجليل, حيث سأظهر لكم في الحاضر." بعد أن قال هذا, اختفى عن أنظارهم.

191:5.7 (2044.1) أصبح الرُسل الأحد عشر مقتنعين الآن تماماً بأن يسوع قد قام من الأموات, وفي وقت مبكر جداً في الصباح التالي, قبل انبثاق النهار, انطلقوا إلى الجليل.

6. الظهور الإسكندراني

191:6.1 (2044.2) بينما كان الرُسل الأحد عشر في طريقهم إلى الجليل, مقتربين من نهاية رحلتهم, على مساء الثلاثاء, 18 نيسان, عند حوالي الساعة الثامنة والنصف, ظهر يسوع إلى رودان ونحو ثمانين مؤمنًا آخر, في الإسكندرية. كان هذا هو الظهور الثاني عشر للسيد في شكل مورونشي. ظهر يسوع أمام هؤلاء اليونانيين واليهود في ختام خبر مرسال داود المتعلق بالصَلب. هذا المرسال, كائن الخامس في تتابع العدائين بين أورشليم والإسكندرية, وصل إلى الإسكندرية في وقت متأخر من عصر ذلك اليوم, وعندما سلـَّم رسالته إلى رودان, تقرر استدعاء المؤمنين معًا لتلقي هذه الكلمة المأساوية من المرسال نفسه. في حوالي الساعة الثامنة, أتى المرسال ناثان البيصوري, أمام هذه الجماعة وأخبرهم بالتفصيل بكل ما أخبره إياه العداء السابق. أنهى ناثان روايته المؤثرة بهذه الكلمات: "لكن داود, الذي أرسل لنا هذه الكلمة, يخبرنا أن السيد, في الإخبار عن تنبؤ موته, أعلن أنه سيقوم مرة أخرى." حتى بينما تكلم ناثان, ظهر السيد المورونشي هناك على مرأى ومسمع من الجميع. وعندما جلس ناثان, قال يسوع:

191:6.2 (2044.3) "السلام عليكم. إن ما أرسلني أبي نحو العالَم لتأسيسه لا ينتمي إلى عِرق, أو أمة, ولا إلى فئة خاصة من المعلمين أو الوعاظ. إن إنجيل الملكوت هذا ينتمي إلى كِلا اليهودي والأممي, وإلى الغني والفقير, وإلى الحر والعبد, وإلى الذَكر والأنثى, حتى إلى الأطفال الصغار. وأنتم جميعاً لتعلنوا إنجيل المحبة والحقيقة هذا من خلال المعايش التي تعيشونها في الجسد. يجب أن تحبوا بعضكم بعضاً بود جديد ومذهل, حتى كما أحببتكم. ستخدمون البشرية بإخلاص جديد ومذهل, حتى كما خدمتكم. وعندما يراكم الناس تحبونهم هكذا, وعندما يشاهدون كيف تخدمونهم بحماس, سوف يدركون أنكم أصبحتم رفقاء بالإيمان لملكوت السماء, وسوف يتبعون وراء روح الحق الذي يرونه في معايشكم, لإيجاد الخلاص الأبدي.

191:6.3 (2044.4) "كما أرسلني الأب نحو هذا العالَم, حتى هكذا أيضاً أرسلكم الآن. أنتم مدعوون جميعاً لنقل البشارة إلى أولئك الجالسين في الظلمة. إن إنجيل الملكوت هذا هو لكل من يؤمن به؛ لن يُعهد إلى وصاية الكهنة فقط. قريباً سوف يحل عليكم روح الحق, وسيقودكم إلى كل الحقيقة. اذهبوا, لذلك, إلى كل العالَم واعظين هذا الإنجيل, وها, أنا معكم دائماً, حتى إلى نهاية الدهور."

191:6.4 (2044.5) عندما تكلم السيد هكذا, اختفى عن أنظارهم. طوال تلك الليلة ظل هؤلاء المؤمنون هناك معاً معيدين سرد تجاربهم كمؤمنين بالملكوت ومستمعين إلى الكلمات الكثيرة لرودان ورفاقه. وكلهم آمنوا بأن يسوع قد قام من الأموات. تخيلوا دهشة مبشر داود عن القيامة, الذي وصل في اليوم الثاني بعد هذا, عندما ردوا على إعلانه, قائلين: "نعم, نعلم, لأننا رأيناه. ظهر لنا أول أمس."

Foundation Info

نص سهل الطباعةنص سهل الطباعة

Urantia Foundation, 533 W. Diversey Parkway, Chicago, IL 60614, USA
تليفون: +1-773-525-3319; فاكس: +1-773-525-7739
© Urantia Foundation. كل الحقوق محفوظة