تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ورقة 58, تأسيس الحياة على يورانشيا

كِتاب يورانشيا

ورقة 58

تأسيس الحياة على يورانشيا

58:0.1 (664.1)في كل ساتانيا هناك فقط واحد وستون عالماً مشابهاً ليورانشيا, كواكب تعديل-حياة. غالبية العوالم المأهولة مسكونة وفقاً للتقنيات المؤسسة؛ على هكذا أجواء يُمنح حاملو الحياة مساحة مناورة قليلة في خططهم لغرس الحياة. لكن حوالي عالم واحد في عشرة يشار إليه ككوكب عشري ويتم تعيينه إلى التسجيل الخاص لحاملي الحياة؛ وعلى مثل هذه الكواكب, يسمح لنا بأن نأخذ على عاتقنا اختبارات معينة للحياة في جهد لتعديل أو ربما تحسين أنواع الكون القياسية من الكائنات الحية.

1. متطلبات الحياة-الفيزيائية

58:1.1 (664.2)قبل 600,000,000 سنة وصلت لجنة حاملي الحياة المبعوثة من جيروسِم إلى يورانشيا وبدأت دراسة الظروف الفيزيائية التحضيرية لإطلاق الحياة على العالم رقم 606 من نظام ساتانيا. كانت هذه لتكون تجربتنا الستمائة وستة مع بدء أنماط حياة نِبادون في ساتانيا وفرصتنا الستين لإجراء تغييرات وإنشاء تعديلات في تصاميم الحياة الأساسية والقياسية للكون المحلي.

58:1.2 (664.3)ينبغي أن يكون واضحاً أن حاملي الحياة لا يمكنهم بدء الحياة حتى ينضج جو من اجل تدشين الدورة التطورية. ولا يمكننا التزويد لنشوء حياة أكثر سرعة مما يمكن دعمه واستيعابه بالتقدم الفيزيائي للكوكب.

58:1.3 (664.4)كان حاملو الحياة من ساتانيا قد شرعوا نموذج كلوريد الصوديوم من الحياة؛ لذلك لا خطوات أمكن أخذها نحو زرعها إلى أن أصبحت مياه المحيط مالحة بالقدر الكافي. نوع يورانشيا من البروتوبلازم يمكن أن يعمل فقط في محلول ملح ملائم. كل حياة سلف--نباتية وحيوانية--تطورت في موطن محلول-ملح. وحتى حيوانات اليابسة الأعلى تنظيماً لا يمكن أن تستمر في العيش لو لم يكن محلول الملح اللازم ذاته هذا يدور في كل أنحاء أجسامها في مجرى الدم الذي يغسل بحرية, حرفياً يغمر, كل خلية حية صغيرة في هذا "العمق الملحي".

58:1.4 (664.5)تجول أسلافكم البدائيون بحرية في المحيط المالح؛ اليوم, هذا المحلول الملحي نفسه الذي يشبه المحيط يدور بحرية في أجسامكم, غاسلاً كل خلية فردية بسائل كيميائي مقارن بكل الأسُس إلى ماء الملح الذي حفز التفاعلات البروتوبلازمية الأولى لأول خلايا حية لتعمل على الكوكب.

58:1.5 (664.6)لكن بينما يفتح هذا العهد, كانت يورانشيا تتطور في كل اتجاه نحو حالة مؤاتية لدعم الأشكال الإبتدائية من الحياة البحرية. ببطء لكن بثبات كانت التطورات الفيزيائية على الأرض وفي مناطق فضائية مجاورة تهيئ المرحلة لأجل المحاولات اللاحقة لتأسيس مثل هذه الأشكال من الحياة كما كنا قد قررنا أنها ستكون الأفضل تكيفاً إلى البيئة الفيزيائية التي تتكشف-- الأرضية والمكانية على حد سواء.

58:1.6 (665.1)في وقت لاحق عادت لجنة ساتانيا من حاملي الحياة إلى جيروسِم, مفضلة أن تنتظر المزيد من الإنقسام لكتلة اليابسة القارية, التي من شأنها أو توفر المزيد من البحار الداخلية والخلجان المحمية, قبل أن تبدأ فعلياً بغرس الحياة.

58:1.7 (665.2)على كوكب حيث الحياة لها أصل بحري يتم توفير الظروف المثالية لغرس الحياة بعدد كبير من البحار الداخلية, بواسطة خط ساحلي واسع من المياه الضحلة والخلجان المحمية؛ وبالضبط مثل هذا التوزيع لمياه الأرض كان يتطور بسرعة. قلما كانت تلك البحار الداخلية القديمة عميقة أكثر من خمسة أو ستة أقدام, ونور الشمس يمكنه ولوج ماء المحيط لأكثر من ستمائة قدم.

58:1.8 (665.3)ولقد كان من مثل شواطئ البحار هذه للمناخات الهادئة والمتوازنة لعصر لاحق أن وجدت حياة النبات البدائية طريقها نحو اليابسة. هناك الدرجة العالية من الكربون في الغلاف الجوي وفرت لأصناف حياة اليابسة الجديدة فرصة الحياة من أجل نمو سريع وخصيب. مع أن هذا الغلاف الجوي آنذاك كان مثالياً لنمو النبات, إلا أنه احتوى على درجة عالية من ثاني أكسيد الكربون بحيث أن لا حيوان, كم بالأحرى إنسان, كان بإمكانه العيش على وجه الأرض.

2. غلاف يورانشيا الجوي

58:2.1 (665.4)يرشح الغلاف الجوي الكوكبي إلى الأرض حوالي جزء واحد من مليارين من انبعاث ضوء الشمس الكلي. إذا كان سعر الضوء الواقع على أميركا الشمالية سنتين للكيلواط-الساعة, فإن فاتورة الضوء السنوية ستكون أعلى من 800 كوادرليون دولار. فاتورة شيكاغو لنور الشمس ستكون إلى حد كبير أعلى من 100 مليون دولار يومياً. وينبغي التذكر بأنكم تتلقون من الشمس أشكالاً أخرى من الطاقة--النور ليس المساهمة الشمسية الوحيدة التي تصل غلافكم الجوي. تتدفق طاقات شمسية شاسعة على يورانشيا تضم أطوال موجات تتراوح كِلا فوق وتحت المدى المتعرف عليه للرؤية الإنسانية.

58:2.2 (665.5)غلاف الأرض الجوي هو إلى حد كبير غير شفاف إلى كثير من الإشعاعات الشمسية عند الطرف فوق البنفسجي الأقصى للطيف. معظم أطوال الموجات القصيرة هذه تمتصها طبقة من الأوزون الموجودة في جميع أنحاء مستوى حوالي عشرة أميال فوق سطح الأرض, والتي تمتد نحو الفضاء لعشرة أميال أخرى. الأوزون المتخلل لهذه المنطقة, عند ظروف سائدة على سطح الأرض, سوف يُكون طبقة من عُشر بوصة في السماكة فقط؛ مع ذلك, فإن هذه الكمية الصغيرة نسبياً والتي تبدو غير ذات أهمية من الأوزون تحمي سكان يورانشيا من فائض تلك الإشعاعات فوق البنفسجية الخطرة والمدمرة الموجودة في ضوء الشمس. لكن لو كانت طبقة الأوزون هذه أسمك على نحو ضئيل, سوف تكونون محرومين من الأشعة فوق البنفسجية ذات الأهمية العالية والمانحة-للصحة التي تصل الآن سطح الأرض, والتي هي سالفة لأحد فيتاميناتكم الأكثر ضرورة.

58:2.3 (665.6)ومع ذلك, يصر بعض من ذوي المخيلة الأقل من ميكانييكم البشريين على النظر إلى الخلق المادي والتطور الإنساني كحادثة. لقد جمَّع منتصفو الطريق ليورانشيا فوق الخمسين ألف من حقائق الفيزياء والكيمياء التي يرتأونها متناقضة مع قوانين الصدفة العرضية, والتي هم مقتنعون بأنها تشير على نحو لا لبس فيه إلى وجود هدف ذكي في الخلق المادي. وكل هذا لا يأخذ في الإعتبار كتالوجهم لأكثر من مائة ألف من النتائج خارج مجال الفيزياء والكيمياء التي يصرون أنها تُثبت حضور العقل في تخطيط, وخلق, وصيانة الفلك المادي.

58:2.4 (666.1)إن شمسكم تصب فيضان حقيقي من أشعة-التعامل مع الموت, وحياتكم الممتعة على يورانشيا هي نتيجة التأثير "الإتفاقي" لأكثر من أربعين على ما يبدو عمليات حماية عرضية شبيهة إلى عمل طبقة الأوزون الفريدة هذه.

58:2.5 (666.2)لو لم يكن للتأثير "المغطي" للغلاف الجوي ليلاً, لكانت السخونة فُقدت بالإشعاع بغاية السرعة بحيث تكون الحياة مستحيلة الصيانة ما عدا بالتزويد الاصطناعي.

58:2.6 (666.3)الأميال الخمسة أو الستة الأدنى من غلاف الأرض الجوي هي التروبوسفير؛ هذه هي منطقة الرياح والتيارات الهوائية التي توفر الظواهر الجوية. فوق هذه المنطقة هناك الأيونوسفير الداخلي ويلي فوقه الستراتوسفير. تصاعدياً من سطح الأرض, تسقط الحرارة بثبات لستة أو ثمانية أميال, عند ذلك الارتفاع تسجل حوالي 70 درجة تحت الصفر فهرنهايت. نطاق درجة الحرارة هذا ما بين 65 إلى 70 درجة تحت الصفر فهرنهايت لا يتغير في الصعود الإضافي لأربعين ميلاً؛ هذا الحيز من الحرارة الثابتة هو الستراتوسفير. على ارتفاع 45 أو 50 ميلاً, تبدأ الحرارة بالإرتفاع, وتستمر هذه الزيادة حتى, عند مستوى العروض الشفقية, يتم تحقيق حرارة من 1200 درجة فهرنهايت, وإنها هذه السخونة الشديدة التي تؤين الأكسجين. لكن الحرارة في مثل هذا الغلاف الجوي النقي بالكاد قابلة للمقارنة مع السخونة المحسوبة عند سطح الأرض. ضع في اعتبارك بأن نصف غلافكم الجوي سوف يوجد في الثلاثة أميال الأولى. يشار إلى ارتفاع الغلاف الجوي للأرض بأعلى ألسنة النور الشفقي القطبي--حوالي أربعمائة ميل.

58:2.7 (666.4)ترتبط الظواهر الشفقية ارتباطاً مباشراً بالبقع الشمسية, تلك الزوابع الشمسية التي تدور في اتجاهات متعاكسة فوق وتحت خط الإستواء الشمسي. حتى كما هو الحال مع الأعاصير الإستوائية الأرضية. مثل هذه الإضطرابات الجوية تدور في اتجاهات متعاكسة عندما تحدث فوق أو تحت خط الاستواء.

58:2.8 (666.5)إن قدرة البقع الشمسية على تغيير ترددات النور تبين بأن مراكز العواصف الشمسية هذه تعمل كمغناطيسات هائلة. هذه الحقول المغناطيسية قادرة على قذف جسيمات مشحونة من فوهات البقع الشمسية خارجاً خلال الفضاء إلى الغلاف الجوي الخارجي للأرض, حيث ينتج تأثيرها المؤين مثل هذه العروض الشفقية المشهدية. لذلك لديكم أعظم الظواهر الشفقية عندما تكون البقع الشمسية في ذروتها--أو قريباً بعد ذلك--في الوقت عندما تكون البقع واقعة بشكل عام أكثر استوائياً.

58:2.9 (666.6)حتى إبرة البوصلة تستجب لهذا التأثير الشمسي حيث أنها تتحول قليلاً نحو الشرق بينما تشرق الشمس وقليلاً نحو الغرب عندما تقارب الشمس الغروب. يحدث هذا كل يوم, لكن خلال ذروة دورات البقع الشمسية فإن هذا التغيير للبوصلة يكون أكثر بالضِعف. هذه التجوالات النهارية للبوصلة هي استجابة للتأيُن المتزايد للغلاف الجوي الأعلى, الذي ينتج عن ضوء الشمس.

58:2.10 (666.7)إنه حضور مستويين مختلفين من المناطق الموصلة المكهربة في الستراتوسفير-الفائق ما يسبب الإرسال الطويل-المسافة لإذاعاتكم الراديوية ذات الموجة الطويلة والقصيرة. أحياناً تضطرب إذاعاتكم بالعواصف المريعة التي تثور من حين لآخر في عوالم هذه الأيونوسفيرات الخارجية.

3. البيئة المكانية

58:3.1 (666.8)أثناء الأزمنة الأبكر للتحقق المادي للكون, تكون مناطق الفضاء مُتخللة بسُحب هيدروجينية شاسعة, تماماً مثل عناقيد الغبار الفلكية هذه كالتي تميز الآن العديد من المناطق في كل أنحاء الفضاء البعيد. الكثير من المادة المنظمة التي تُحطمها الشموس المشتعلة وتنثرها كطاقة مشعة كما بُنيت في الأصل في هذه السحب الهيدروجينية الظاهرة باكراً في الفضاء. في ظل ظروف غير عادية معينة يحدث اختلال ذري أيضاً في نواة الكتل الهيدروجينية الأكبر. وكل هذه الظواهر من بناء الذرة وانحلال الذرة, كما هو الحال في السُدم الساخنة للغاية, تُلازَم ببروز مد فيضاني لإشعاعات فضاء قصيرة للطاقة المشعة. يرافق هذه الإشعاعات المتنوعة شكل من أشكال الطاقة-الفضائية غير معروف على يورانشيا.

58:3.2 (667.1)شحنة الطاقة لهذا الشعاع القصير لفضاء كون هي أربعمائة مرة أكثر من كل الأشكال الأخرى من الطاقة المشعة الموجودة في مجالات الفضاء المنظَم. منتوج إشعاعات الفضاء القصيرة سواء آتية من السُدم المشتعلة, حقول كهربائية شديدة, فضاء خارجي, أو غيوم غبار الهيدروجين الشاسعة, يتكيف كمياً ونوعياً بتقلبات, وتغييرات التوتر المفاجئة للحرارة, والجاذبية, والضغوط الإلكترونية.

58:3.3 (667.2)تتحدد هذه الإحتمالات في أصل إشعاعات الفضاء من خلال العديد من الأحداث الفلكية وأيضاً بمدارات المادة المتداولة, التي تتغير من دوائر معدلة إلى إهليليجات متطرفة. قد تتغير الظروف الفيزيائية إلى حد كبير كذلك لآن الدوران الإلكتروني يكون أحياناً في اتجاه معاكس من ذلك لسلوك المادة الإجمالي, حتى في نفس المنطقة الفيزيائية.

58:3.4 (667.3)الغيوم الهيدروجينية الشاسعة هي مختبرات كيميائية فلكية حقيقية, تؤوي جميع أطوار الطاقة المتطورة والمواد المتحولة. أعمال طاقة عظيمة تحدث كذلك في الغازات الهامشية للنجوم الثنائية العظيمة التي كثيراً ما تتداخل وبالتالي تختلط على نطاق واسع. لكن أياً من نشاطات الطاقة الهائلة والنائية هذه للفضاء لا تمارس أقل تأثير على ظواهر الحياة المنظمة--البلازما الجرثومية للأشياء والكائنات الحية. ظروف طاقة الفضاء هذه وثيقة الصلة بالبيئة الأساسية لتأسيس الحياة, لكنها ليست فعَّالة في التعديل اللاحق للعوامل الوراثية للبلازما الجرثومية كما هي بعض الإشعاعات الطويلة للطاقة المشعة. الحياة المغروسة لحاملي الحياة هي مقاومة كلياً لكل هذا الفيضان المدهش من إشعاعات الفضاء القصيرة لطاقة الكون.

58:3.5 (667.4)كل هذه الظروف الفلكية الأساسية كان عليها أن تتطور إلى وضع مؤاتي قبل أن يتمكن حاملو الحياة فعلياً من البدء بتأسيس الحياة على يورانشيا.

4. عهد فجر الحياة

58:4.1 (667.5)بأننا نُدعى حاملي حياة ينبغي ألا يربككم. نحن بإمكاننا ونحمل حياة إلى الكواكب, لكننا لم نجلب حياة إلى يورانشيا. حياة يورانشيا فريدة, أصلية مع الكوكب. هذا الجو هو عالَم تعديل-حياة؛ كل الحياة التي تظهر عليه صيغت من قِبلنا هنا على الكوكب؛ وليس هناك عالم آخر في كل ساتانيا, حتى في كل نِبادون, لديه وجود حياة تماماً كتلك ليورانشيا.

58:4.2 (667.6)قبل 550,000,000 سنة مضت عادت كتيبة حاملي الحياة إلى يورانشيا. بالتعاون مع قدرات روحية وقوى فائقة عن الفيزيائي نظّمنا وشرعنا نماذج الحياة الأصلية لهذا العالَم وزرعناها في المياه المضيافة للحيز. كل الحياة الكوكبية ( ما عدا الشخصيات الزائدة عن الكوكبي ) نزولاً إلى أيام كاليغاسشيا, الأمير الكوكبي, كان لها أصلها في غِراساتنا الثلاثة الأصلية, والمتطابقة, والمتزامنة من الحياة البحرية. تلك الغرسات الثلاثة للحياة تم تعيينها كالتالي: المركزي أو الأوروبي-الأفريقي, الشرقي أو الأُسترالي, والغربي, الذي يضم غرينلاند والأمريكتين.

58:4.3 (668.1)منذ 500,000,000 سنة كانت الحياة النباتية البدائية مؤسسة جيداً على يورانشيا. كانت غرينلاند وكتلة اليابسة في القطب الشمالي, سوية مع شمالي وجنوبي أميركا, تبدأ انجرافها الطويل والبطيء نحو الغرب. تحركت أفريقيا قليلاً نحو الجنوب, خالقة حوضاً شرقياً-غربياً, حوض البحر الأبيض المتوسط, بينها وبين الجسم الأم. انفصلت أنتاركتيكا, وأستراليا, والأرض المشار إليها بجزر الباسفيك إلى الجنوب والشرق وقد انجرفت بعيداً منذ ذلك اليوم.

58:4.4 (668.2)نحن كنا قد زرعنا الشكل البدائي من الحياة البحرية في الخلجان الإستوائية المحمية للبحار المركزية من التشقق الشرقي الغربي لكتلة اليابسة القارية الآخذة في الإنفصال. كان هدفنا من جعل ثلاثة عمليات غرس للحياة البحرية هو لضمان أن كل كتلة يابسة كبيرة ستحمل هذه الحياة معها, في بحار مياهها-الدافئة, مع انفصال اليابسة لاحقاً. كنا قد توقعنا أنه في الحقبة اللاحقة من ظهور الحياة البرية, سوف تفصل محيطات كبيرة من الماء كتل اليابسة القارية المنجرفة هذه.

5. الإنجراف القاري

58:5.1 (668.3)استمر انجراف اليابسة القاري. أصبح قلب الأرض بكثافة وقساوة الفولاذ, حيث تعرض إلى ضغط يقرب من 25,000 طن في البوصة المربعة, ونظراً لضغط الجاذبية الهائل, كان ولا يزال ساخناً جداً في الداخل العميق. تزداد الحرارة من السطح نزولاً حتى تكون عند المركز أعلى بقليل من حرارة سطح الشمس.

58:5.2 (668.4)يتكون الألف ميل الخارجي لكتلة الأرض مبدئياً من أنواع مختلفة من الصخر. تحتها العناصر المعدنية الأكثف والأثقل. طوال العصور المبكرة والسابقة للغلاف الجوي, كان العالم تقريباً سائل في حالته الذائبة والساخنة للغاية بحيث أن المعادن الأثقل غرقت عميقاً نحو الداخل. تلك الموجودة بالقرب من السطح اليوم تمثل نضحات البراكين القديمة, وتدفق الحمم اللاحق والشديد, والرواسب النيزكية الأحدث.

58:5.3 (668.5)كانت القشرة الخارجية حوالي 40 ميلاً في السماكة. كانت هذه القشرة الخارجية مدعومة من قِبل, ومستكنة مباشرة على, بحر منصهر من البازلت ( الحجر الناري ) ذا سماكة متفاوتة, طبقة متحركة من الحمم المنصهرة محجوزة تحت ضغط عالي لكن تميل دائماً إلى التدفق هنا وهناك في تسوية للضغوط الكوكبية المتغيرة, بالتالي تميل إلى تثبيت القشرة الأرضية.

58:5.4 (668.6)حتى اليوم, لا تزال القارات تطفو على هذا البحر الوسادي غير المبلور من البازلت المنصهر. لو لم يكن لهذه الحالة الواقية, لكانت الزلازل الأعنف ستهز العالم حرفياً إلى أشلاء. تحدث الزلازل بسبب انزلاق وتحول القشرة الخارجية الصلبة وليس بواسطة البراكين.

58:5.5 (668.7)عندما تبرد طبقات الحمم لقشرة الأرض, تشكل الغرانيت. متوسط كثافة يورانشيا هو أكثر قليلاً من خمس مرات ونصف من تلك للماء, كثافة الغرانيت هي أقل ثلاث مرات من تلك للماء. قلب الأرض هو اثنتي عشرة مرة أكثف من الماء.

58:5.6 (668.8)قيعان البحر أكثر كثافة من كتل اليابسة, وهذا ما يُبقي القارات فوق الماء. عندما تُقذف قيعان البحر فوق مستوى البحر, يتبين أنها تتكون إلى حد كبير من البازلت, شكل من أشكال الحمم أثقل بكثير من غرانيت كتل اليابسة. مرة أخرى, لو لم تكن القارات أخف من أحواض المحيط, فستسحب الجاذبية أطراف المحيطات صعوداً نحو اليابسة, لكن مثل هذه الظواهر لا يمكن ملاحظتها.

58:5.7 (668.9)وزن المحيطات هو أيضاً عامل في زيادة الضغط على أحواض البحر. أحواض المحيط الأسفل لكن الأثقل نسبياً, بالإضافة إلى وزن الماء المغطي, يقارب وزن القارات الأعلى لكن الأخف بكثير. لكن كل القارات تميل للزحف نحو المحيطات. يبلغ الضغط القاري على مستويات قعر المحيط نحو 20,000 رطلاً في البوصة المربعة. هذا يعني, سيكون هذا هو الضغط لكتلة قارية تقف على علو 15,000 قدم فوق أرض المحيط. ضغط ماء أرض-المحيط هو فقط حوالي 5,000 رطل إلى البوصة المربعة. هذه الضغوط التفاضلية تميل لتسبب للقارات أن تنزلق نحو أحواض المحيط.

58:5.8 (669.1)أدى انخفاض قعر المحيط خلال عصور ما قبل الحياة إلى رفع كتلة يابسة قارية منفردة إلى مثل هذا الارتفاع بحيث أن ضغطها الجانبي مالَ ليسبب للأهداب الشرقية, والغربية, والجنوبية أن تنزلق نزولاً, فوق أحواض الحمم التحتية شبه اللزجة, إلى مياه المحيط الباسِفيكي المحيطة. هذا ما عوَّض كلياً الضغط القاري بحيث لم يحدث انكسار واسع على الشاطئ الشرقي لهذه القارة الأسيوية القديمة, لكن منذ ذلك الحين, حام خط الشاطئ الشرقي ذاك فوق هوة أعماق المحيط المجاورة له, مهدداً بالإنزلاق نحو قبر مائي.

6. فترة الإنتقال

58:6.1 (669.2)قبل 450,000,000 سنة حدث الإنتقال من الحياة النباتية إلى الحياة الحيوانية. حصل هذا التحول في المياه الضحلة للخلجان والمستنقعات الإستوائية المحمية لخطوط الشواطئ الواسعة للقارات الآخذة في الإنفصال. وهذا التطور, الذي كان كله متأصلاً في أنماط الحياة الأصلية, حدث تدريجياً. كان هناك العديد من المراحل الإنتقالية بين أشكال الخضار البدائية المبكرة من الحياة والتركيبات العضوية الحيوانية المحددة-جيداً في وقت لاحق. حتى اليوم تستمر العفونات الطينية اللزجة الإنتقالية, وبالكاد يمكن تصنيفها إما كنباتات أو كحيوانات.

58:6.2 (669.3)على الرغم من أن تطور الحياة النباتية يمكن تتبُع آثاره إلى الحياة الحيوانية, وعلى الرغم من أنه قد تم العثور على سلسلة متدرجة من النباتات والحيوانات التي تؤدي بشكل تدريجي من أبسط التركيبات العضوية إلى الأكثر تعقيداً وتقدماً, لن تكونوا قادرين على العثور على مثل هذه الحلقات الواصلة بين الأقسام الكبرى من مملكة الحيوان ولا بين أعلى أنواع الحيوانات قبل الإنسان والناس الفجريين للأجناس الإنسانية. تلك المدعوة "حلقات مفقودة" ستبقى إلى الأبد مفقودة, للسبب البسيط أنها لم توجد أبداً.

58:6.3 (669.4)من عهد إلى عهد تنشأ أصناف جديدة جذرياً من الحياة الحيوانية. هي لا تتطور كنتيجة للتراكم التدريجي لتغييرات صغيرة؛ إنها تظهر كمراتب كاملة النمو وجديدة من الحياة, وهي تظهر فجأة.

58:6.4 (669.5)الظهور المفاجئ لأصناف جديدة ومراتب متنوعة من الكائنات العضوية الحية هو كلياً بيولوجي, طبيعي بشكل صارم. ليس هناك شيئ فائق عن الطبيعي متعلق بهذه الطفرات الجينية.

58:6.5 (669.6)عند الدرجة المناسبة للملوحة في المحيطات تطورت الحياة الحيوانية, ولقد كان بسيطاً بالمقارنة السماح للمياه الملحية بالدوران عبر الأجسام الحيوانية للحياة البحرية. لكن عندما كانت المحيطات متقلصة والنسبة المئوية للملح ازدادت بشكل كبير, هذه الحيوانات نفسها طورت المقدرة على تقليل ملوحة سوائل أجسامها تماماً كما تلك الكائنات العضوية التي تعلمت العيش في المياه العذبة اكتسبت المقدرة على المحافظة على الدرجة المناسبة من كلوريد الصوديوم في سوائل أجسامها عن طريق تقنيات بارعة لحفظ الملح.

58:6.6 (669.7)تكشف دراسة الأحافير التي تحتضنها الصخور للحياة البحرية عن صراعات التكيف المبكرة لهذه الكائنات العضوية البدائية. النباتات والحيوانات لا تتوقف أبداً عن القيام بتجارب التكيف هذه. البيئة دائمة التغير أبداً, ودائماً ما تسعى الكائنات العضوية لتكييف أنفسها مع هذه التقلبات التي لا تنتهي.

58:6.7 (670.1)الجهاز الفيزيولوجي والبناء التشريحي لجميع المراتب الجديدة للحياة هو في استجابة لعمل القانون الفيزيائي, لكن الهِبة اللاحقة للعقل هي إغداق من أرواح-العقل المعاونة وفقاً لإستطاعة الدماغ الفطرية. العقل, في حين أنه ليس تطوراً فيزيائياً, فهو معتمد كلياً على مقدرة الدماغ التي توفرها التطورات الفيزيائية والتطورية البحتة.

58:6.8 (670.2)من خلال دورات لا نهاية لها تقريباً من المكاسب والخسائر, والتعديلات وإعادة التعديلات, تتأرجح كل التركيبات العضوية الحية ذهاباً وإياباً من عصر إلى آخر. تلك التي تُحقق وحدة كونية تستمر, بينما تلك التي تقصّر في هذا الهدف تتوقف عن الوجود.

7. كتاب التاريخ الجيولوجي

58:7.1 (670.3)إن مجموعة شاسعة من أنظمة الصخور التي شكلت القشرة الخارجية للعالم أثناء فجر الحياة أو العهد البروتروزيوكي لا تظهر الآن عند نقاط كثيرة على سطح الأرض. وعندما تبرز من تحت كل تراكمات العصور اللاحقة, لن يتم العثور إلا على بقايا متحجرات من الحياة النباتية والحيوانية البدائية المبكرة. بعض من هذه الصخور المترسبة-بالماء الأقدم هي مختلطة مع طبقات لاحقة, وأحياناً تنتج بقايا متحجرات لبعض الأشكال الأبكر من الحياة النباتية, بينما على الطبقات الأكثر علواً قد يوجد في بعض الأحيان بعض من الأشكال الأكثر بدائية من الكائنات العضوية الحيوانية-البحرية المبكرة. في العديد من الأماكن فإن طبقات الصخور المنضدة الأقدم تلك, التي تحمل متحجرات الحياة البحرية المبكرة, على حد سواء الحيوانية والنباتية,يمكن العثور عليها مباشرة على أعلى الحجر غير المتمايز الأقدم.

58:7.2 (670.4)أحافير هذه الحقبة تُنتج طحالب, ونباتات شبيهة بالمرجان, وبروتوزوا بدائية, وتركيبات عضوية انتقالية تشبه الإسفنج. لكن غياب مثل هذه المتحجرات في طبقات الصخور المبكرة لا يبرهن بالضرورة بأن الأشياء الحية لم تكن متواجدة في مكان آخر عند وقت ترسبها. كانت الحياة متناثرة طوال هذه الأزمنة المبكرة, وفقط ببطء شقت طريقها على وجه الأرض.

58:7.3 (670.5)الصخور من هذا العصر القديم هي الآن عند سطح الأرض, أو قريبة جداً من السطح, فوق حوالي ثُمن مساحة اليابسة الحالية. يبلغ متوسط سماكة هذا الحجر الإنتقالي, أقدم طبقات الصخور المنضدة, حوالي ميل ونصف. في بعض النقاط تبلغ سماكة هذه الأنظمة الصخرية القديمة أربعة أميال, لكن العديد من الطبقات التي نُسبت إلى هذه الحقبة تنتمي إلى فترات لاحقة.

58:7.4 (670.6)في أميركا الشمالية تأتي طبقة الحجر القديمة هذه والحاملة-للمتحجرات البدائية إلى السطح فوق المناطق الشرقية, والوسطى, والشمالية لكندا. هناك أيضاً سلسلة شرقية غربية متقطعة من هذا الصخر التي تمتد من بنسلفانيا وجبال الأديرونداك القديمة في الغرب عبر ميشيغان, ويسكونسن, ومينيسوتا. سلاسل أخرى تمتد من نيوفاوندلاند إلى ألاباما ومن ألاسكا إلى المكسيك.

58:7.5 (670.7)صخور هذا العهد مكشوفة هنا وهناك في جميع أنحاء العالم, لكن ولا واحدة منها سهلة التفسير مثل تلك حول بحيرة سوبيرير وفي غراند كانيون لنهر الكولورادو, حيث هذه الصخور الأحفورية البدائية, الموجودة في عدة طبقات, تشهد لثوارانات وتقلبات السطح لتلك الأزمنة البعيدة.

58:7.6 (670.8)هذه الطبقة الحجرية, أقدم الطبقات الحاملة للمتحجرات في قشرة الأرض, قد تكومت, وطُويت, ولُويت بشكل بشع نتيجة لثوارانات الزلازل والبراكين المبكرة. جلبت تدفقات الحمم في هذا العصر الكثير من الحديد, والنحاس, والرصاص صعوداً قرب السطح الكوكبي.

58:7.7 (670.9)هناك قليل من الأماكن على الأرض حيث تظهر مثل هذه النشاطات بجلاء أكثر مما في وادي سان كروا في ويسكونسن. في هذه المنطقة حدث هناك مائة وسبعة وعشرون تدفق حمم متتالي على اليابسة مع غمر مائي تالي وما يترتب على ذلك من ترسبات. مع أن الكثير من الترسيب الصخري العلوي وتدفق الحمم المتقطع غائب اليوم, ومع أن الجزء السفلي من هذا النظام مدفون عميقاً في الأرض, إلا أن, ما يقرب من خمسة وستون أو سبعون من هذه السجلات المنضدة من عصور ماضية هي الآن مكشوفة للنظر.

58:7.8 (671.1)في هذه العصور المبكرة عندما كان الكثير من اليابسة بالقرب من مستوى سطح البحر, حدث هناك الكثير من الإنغمارات والإنبثاقات المتتالية. كانت قشرة الأرض تدخل تواً فترتها اللاحقة من الإستقرار النسبي. ساهمت التموجات, والإرتفاعات والغطسات للإنجراف القاري الأبكر إلى تكرار الغمر الدوري لكتل اليابسة الكبرى.

58:7.9 (671.2)أثناء هذه الأزمنة للحياة البحرية البدائية, غرقت مساحات شاسعة من الشواطئ القارية تحت البحار من بضعة أقدام إلى نصف ميل. الكثير من الحجر الرملي والتكتلات القديمة تمثل التراكمات الرسوبية لهذه الشواطئ القديمة. الصخور الرسوبية المنتمية إلى هذا التنضيد المبكر ترقد مباشرة على تلك الطبقات التي تعود إلى ما وراء أصل الحياة إلى الظهور المبكر للمحيط الذي يعم العالم.

58:7.10 (671.3)بعض من الطبقات الأعلى لترسبات الصخور الإنتقالية هذه تحتوي كميات قليلة من الحجر الطيني أو اللوح الصخري (السجيل والأردواز) ذات الألوان الداكنة, ما يدل على وجود كربون عضوي ويشهد على وجود أسلاف لتلك الأشكال من الحياة النباتية التي غمرت الأرض خلال العصر الكربوني أو الفحمي اللاحق. نتج الكثير من النحاس في طبقات الصخور هذه عن ترسب الماء. بعضه يوجد في تشققات الصخور الأقدم وهو تكثيف الماء المستنقعي البطيء لخط شاطئ ما محمي قديم. تقع مناجم الحديد في أميركا الشمالية وأوروبا في الترسبات والإفرازات التي تقع جزئياً في الصخور غير المنضدة الأقدم وجزئياً في هذه الصخور المنضدة لاحقاً للفترات الإنتقالية لتكوين الحياة.

58:7.11 (671.4)يشهد هذا العهد انتشار الحياة في كل أنحاء مياه العالم؛ الحياة البحرية قد أصبحت راسخة جيداً على يورانشيا. قيعان البحار الداخلية الضحلة والممتدة يتم تجاوزها تدريجياً بنمو نباتي غزير ومترف, بينما تحتشد مياه خط الشاطئ بأشكال بسيطة من الحياة الحيوانية.

58:7.12 (671.5)كل هذه القصة يتم سردها بشكل بياني داخل صفحات المتحجرات "لكتاب الحجر" الشاسع لسجل العالم. وصفحات هذا السجل البيولوجي العملاق تخبر بلا فشل الحقيقة لو أنك فقط تكتسب مهارة تفسيرها. الكثير من مِهاد البحور القديمة هذه مرتفعة الآن عالياً فوق اليابسة, وترسباتها من عصر على عصر تخبر قصة نضالات الحياة لتلك الأيام المبكرة. إنه صحيح بالمعنى الحرفي, كما قال شاعركم, "الغبار الذي ندوسه كان مرة حياً."

58:7.13 (671.6)[ قُدمت بعضو في سلك حاملي الحياة ليورانشيا مقيم الآن على الكوكب. ]